معصرة للزيتون على الحجر في غزة.. طعم ورائحة

معصرة للزيتون على الحجر في غزة.. طعم ورائحة

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
11 أكتوبر 2022
+ الخط -

لم ينقطع شَغف عائلة الفلسطيني إبراهيم مقداد، من منطقة النصيرات، وسط قطاع غزة، بعصر الزيتون، مع بداية موسمه السنوي، على الحجارة الضخمة، التي تُنتج زيتا صافيا، طَيّب الرائحة، ولذيذ المذاق. 

ولا تزال العائِلة متمسكة بإرث الأجداد المتمثل في عصر الزيت بالطريقة البدائية، والتي تتم بشكل أساسي من خِلال استخدام الحِجارة في هرس الزيتون، واستخراج الزيت الصافي، عبر عملية إنتاجية تمُر بعِدة خطوات ومراحل، تعتمد بشكل أساسي في معظمها على العمل اليدوي. 

الصورة
معصرة للزيتون على الحجر في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
الاعتماد أساساً على العمل اليدوي (عبد الحكيم أبو رياش)

ويقول أفراد العائلة، إن عَصر الزيت بالطريقة البدائية، والحجارة الطبيعية، يُعطي نتائج أفضل من النتائج التي يُعطيها العصر بالمعاصر الحديثة، إذ يتم إنتاج زيت أكثر جودة، وبمواصفات صحية أعلى. 

ويستغل القائمون على المشروع القديم موسم قطف الزيتون، والذي يبدأ في فلسطين خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول من كُل عام، لمُضاعفة عملهم في عصر وإنتاج الزيت، إذ يقطف الفلسطينيون الزيتون، ويتجهون لعصره، وتخزين كميات الزيت لاستخدامها على مدار العام. 

الصورة
معصرة للزيتون على الحجر في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
يتم إنتاج زيت بجودة أكبر (عبد الحكيم أبو رياش)

ويتعاون الشاب محمد مقداد مع قريبيه أحمد وعبد الله في هرس الزيتون وتمريره إلى المكبس لعصر الزيت منه، عبر عملية إنتاجية اعتادوا عليها منذ الصِغر، وقد باتوا يتقنونها. 

ويوضح مقداد لـ "العربي الجديد" أنهم شبوا على حُب هذه المهنة، التي تتشارك فيها العائلة، وتعتبر من المِهن التراثية القديمة، البعيدة عن تعقيدات الآلات الحديثة، والتي لا تُنتِج الزيت بالمواصفات الأصيلة، التي اعتادوا عليها. 

الصورة
معصرة للزيتون على الحجر في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
تتعاون العائلة في مهمة عصر الزيتون (عبد الحكيم أبو رياش)

وتفوح رائحة الزيت من المعصرة التي يضُج فيها العمل، بينما ينشغل كل من العُمال بزاويته، يقوم الأول باستلام كميات الزيتون ووزنها وغسلها تجهيزا لهرسها، فيما يقوم الآخر بهرسها على الحجارة، وتسليمها لعامل آخر، يقوم بتمرير الخلطة لعصرها، ويقوم عامل أخير بتنظيف القفف من "الجِفت"، وهو تفل، وبقايا الزيتون، بعد استخراج الزيت منه، حيث يتم تجميع الكميات، والتي يُمكن كبسها في ما بعد عبر مكابس خاصة، واستخدامها كبديل عن الحطب في التدفئة خلال فصل الشتاء. 

الصورة
معصرة للزيتون على الحجر في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
يعتمدون على الحجر في عصر الزيتون(عبد الحكيم أبو رياش)

ويقول صاحب معصرة الحجر إبراهيم مقداد لـ "العربي الجديد"، إن عائلته ورثت المعصرة عن الآباء والأجداد، والذين عملوا في عصر الزيتون على الحجر منذ عشرات السنوات، وقد تم تجديدها عام 2003، وتطوير بعض الأدوات الموجودة فيها، إلا أنها ما زالت مُحتفظة بالفكرة الأساسية، والتي يلعب فيها الحجر الدور الرئيس. 

ويوضح مقداد أن الأبناء والأحفاد تداولوا العمل في المعصرة، حفاظًا على المهنة التراثية القديمة، والتي تُنتِج زيت زيتون بجودة عالية، ولون ورائحة وطعم أفضل من المُنتجات الصناعية والتجارية. ويقول: "نهتم بصناعة الزيت على أصوله، بدون أي تغيير، فيما يتميز الزيت بأنه معصور على البارِد، أي بدون ماء ساخن، ما يُبقيه محتفظا بخواصه الطبيعية، وفوائده الداخلية، من الأحماض والأنزيمات والتركيبة الأصلية بشكل كامل". 

الصورة
معصرة للزيتون على الحجر في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
تمرّ عملية العصر بعدة خطوات (عبد الحكيم أبو رياش)

وتمرّ عملية عصر الزيتون على معصرة الحجر عبر سلسلة خطوات، تعمد بشكل أساسي على الأيدي العاملة، والآلات القديمة، والتي تعمل على الكهرباء، أو المولدات الكهربائية، حيث يتم قطف الزيتون من المزارِع، ومن ثم وزنه وتسجيله، وبعد ذلك يوضع في حوض معدني كبير، ويتم نقله عبر جسر ناقل إلى الغسالة لغسله وتنقيته من الأوراق والشوائب، وتوجيهه إلى حوض تجميع، تمهيدا لنقله إلى الطحن داخل حوض كبير، يضم حجارة ضخمة تدور بشكل يشبه دوران الساقية. 

الصورة
معصرة للزيتون على الحجر في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
معصرة للزيتون على الحجر في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)

بعد هرس كمية الزيتون وعجنها، يتم توجيه العجينة المهروسة إلى حوض آخر، يقوم بسكب العجينة بشكل دائري على قفف مفرودة، بكميات محددة ومحسوبة، وتصفيف ورص القفف فوق بعضها البعض، ونقلها إلى المكبس، لكبسها وعصر السوائل منها، فيما يتم نقل الناتج عن المكبس من زيت وماء إلى الفرازة، والتي تقوم بفرز الماء عن الزيت، وتعبئته في أوعية، تحضيرا لبيعه أو تخزينه. 

معصرة للزيتون على الحجر في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
ينتعش العمل مع انطلاق موسم قطف الزيتون (عبد الحكيم أبو رياش)

وينتعش العمل في المعصرة البدائية مع انطلاق موسم قطف الزيتون، والذي يبدأ مع اقتراب انتصاف شهر أكتوبر/تشرين الأول، وبداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني، من كل عام، والذي تشهد فيه فلسطين حالة نشطة لعصر الزيتون بمختلف الطرق، وتعتمد على الموسم شريحة من المواطنين في خلق مصادر دخل موسمية ومؤقتة. 

ذات صلة

الصورة

مجتمع

يحتفظ الفلسطينيون الذين نزحوا بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بمفاتيح منازلهم المهدمة أو المنهارة ويعتبرونها رمزاً جديداً للتهجير يذكّرهم بالنكبة.
الصورة
يتمسك بعض سكان مدينة غزة بالبقاء في منازلهم (فرانس برس)

مجتمع

يتعرّض حيّ الزيتون في مدينة غزة لمجازر متكررة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع، إذ دمّر جيش الاحتلال المساكن فوق رؤوس ساكنيها، وجرف الأراضي الزراعية.
الصورة
الخياط الفلسطيني ماجد أبو حاجب (رويترز)

مجتمع

يقوم خياط فلسطيني بإصلاح قمصان أو سترات الأشخاص الذين نزحوا من منازلهم في غزة بعدما بالكاد تمكنوا من تغيير ملابسهم، لكنه يضطر إلى الاستعانة بدراجة هوائية.
الصورة
سجون مصر (Getty)

مجتمع

أعلنت منظمة حقوقية أميركية القبض على مرشح الكونغرس الأميركي السابق جون باركر، بعد وصوله إلى القاهرة للمشاركة في قافلة الضمير العالمي.

المساهمون