الرئيسية

التراث

صناعات حرفية

صناعات حرفية

التاريخ: 2016-05-01
الرحى كنز قديم

الرحى كنز قديم

عرفت في تراثنا منذ فترة قديمة جداً، تعتبر من ضمن الأدوات المهمة لدى الأسرة العمانية، وهي أداة يومية الاستعمال، وليست موسمية كما يتبادر لأذهان البعض، في الماضي كانت تتواجد في كل بيت، ولم تكن جداتنا وأمهاتنا يستطعن الاستغناء عنها، لكن مع التطور والحداثة لم يبق منها سوى ما ندر في بعض القرى.


لا تستطيع امرأة واحدة تحريك الرحى الكبيرة «التارشة » بمفردها، نظراً لثقلها. ولكن عادة ما تتعاون عليها امرأتان في طحن الحبوب، و نظراً لجلوس المرأة فترة طويلة مع هذه الأداة قد توطدت علاقة قوية بين المرأة والرحى، تحكي لها ما بها من أحاسيس وشجون.


تعتبر الرحى من الأدوات التي تستعملها المرأة منذ الصباح الباكر، فهي آلة بدائية من الحجر الخشن الثقيل، تُستعمل لجرش الحبوب وطحنها، وهي عبارة عن حجرين مستديرين يُركبُ أحدهما فوق الآخر، ويكون السفليّ منهما ثابت ،ً بينما يتحرّك الحجر العلويّ حول محور خشبيّ أو معدنيّ تكون قاعدته مثبّتة في أسفل الحجر السفليّ، وعندما تدور حجر الرحى فإنها تمر فوق حبات القمح أو الشعير التي توضع من فتحة دائرية صغيرة في وسط الحجر العلوي، فتتكسر تلك الحبات شيئاً فشيئاً، كلما دار عليها حجر الرَّحَى حتى تصبح دقيق ناعماً.


لا يقتصر استعمال الرحى على عمل الدقيق فقط، بل يمكن أن يجرش عليها القمح لعمل الجريشة، وكذلك يجرش عليها حَبّ العدس البلديّ ليعمل منه عدس مجروش يصنع منه طعام مختلف ويعتبر من ألذ الأطعمة وأشهاها.


ليست كل عائلة لديها رحَى، فقد كانت النساء يستعرنَ الرَّحَى من بعضهن البعض ثم يرجعنها بعد الفروغ منها، ونظراً لثقل الرَّحَى وصعوبة حملها على الرأس فقد كانت المرأة تعمل لنفسها «حَوِيّة » وتضعها على رأسها، ومن ثم تحمل الرَّحَى فوقها، و »الحوية » عبارة عن قطعة من القماش تطوى وتلف على شكلٍ لولبيّ ومستدير وتوضع فوق الرأس، ثم توضع الرَّحَى فوقها على رأس المرأة، وبذلك يمنع احتكاك حجر الرحى بجلدة الرأس، ويحول دون إصابة رأس المرأة بالأذى. ولا يقتصر استعمال الحوية على حمل الرَّحَى وحسب، بل تستعمل أيضاً عند حمل جرار الماء من البئر، أو حمل «حزمات » الحطب أو غيرها من الأشياء الثقيلة.


تتكوّن الرحى من عدة أجزاء هي حجرا الرحى، وهما عبارة عن حجرين مستديرين بقطر حوالي 50 سم، يكون السفليّ منهما ثابتاً غير متحرك، وفيه ثقب ضيّق واحد في وسطه، يسمح بمرور محور خشبيّ أو معدنيّ يُثبّت في وسطه، ويسمى قُطْب الرحى، أما العلوي فهو الجزء المتحرك، والذي يؤدي دورانه إلى طحن الحبوب وجرشها، وبه ثقب كبير نسبياً في وسطه يسمح بدخول الحبوب، وثقب صغير آخر في طرفه يوضع فيه المقبض الخشبي الذي نحرك به حجر الرَّحَى، أما الفراشة فهي قطعة خشبية مستطيلة كفراشة المغزل، بها ثقب في وسطها تستعمل لمسك المحور الخشبي أو الحديدي وتثبيته حتى لا يتزحزح، وتُثبّت الفراشة في فتحة الحجر العلويّ من الرَّحَى.


والهادي هو خشبة على شكل عصا صغيرة تُحدَّد وتُدخل وتُثبّت في الثقب الجانبي لتكون المقبض الذي نُدير به حجر الرحى العلويّ، وأحياناً تُلّف عليها قطعة من القماش حتى لا تؤذي اليد، يبقى القُطب، وهو المحور الخشبي أو المعدني الذي تدور حوله الرَّحَى، واللُّهوة أي الحفنة الصغيرة من الحبوب التي توضع في داخل ثقب الرحى لطحنها وتسمّى «لُهْوة حَبّ .» يقال: لهوة كبيرة أو صغيرة، واللهوة أقل من الحفنة، فملء اليد بالحبوب يسمى حفنة، أما اللهوة فهي نصف الحفنة تقريب ،ً بينما يتكون «الثفال » من قطعة منسوجة من صوف الغنم وشعر الماعز، تُبْسط تحت الرحى ليسقط عليها الدقيق والحَبّ المجروش، ويمكن التحكم بدرجة نعومة الحبوب بما يناسب الأكلة الشعبيه التي تصنع منها كالهريس أو العصيدة أو الخبيص.